خبراء: دول عظمى تأثرت بالحرب وبدأت تتجه إلى ترشيد الاستهلاك

خبراء: دول عظمى تأثرت بالحرب وبدأت تتجه إلى ترشيد الاستهلاك

كانعكاس سلبي للصدمات الخارجية المتمثلة في أزمات متتالية مثل "كوفيد-19"، والحرب الروسية الأوكرانية، تأثرت دول عظمى مثل ألمانيا وأخرى نامية كسريلانكا، لدرجة كبيرة صرح معها البلدان بقرب نفاد الطاقة وترشيد الاستهلاك.

ففي خضم أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد، أعلنت سريلانكا نفاد البنزين والديزل "تقريبا"، وذلك بعد تأجيل العديد من الشحنات المتوقعة، معلنة رفع سعر الوقود بنسبة تصل إلى 22%. 

واعتذر وزير الطاقة كانشانا ويجيسكيرا لسائقي السيارات، السبت، قائلا إن "شحنات النفط التي كان من المقرر وصولها الأسبوع الماضي لم تحضر، في حين أن الشحنات التي كان من المقرر وصولها الأسبوع المقبل لن تصل إلى سريلانكا لأسباب مالية". 

وأشار إلى أنه "سيتم توزيع الإمدادات النادرة المتبقية في البلاد، من خلال عدد قليل من محطات الضخ".

وأوضح أنه "سيتم إعطاء الأولوية للنقل العام وتوليد الطاقة"، وحث سائقي السيارات على "عدم الوقوف في طوابير للحصول على الوقود".

وأصدرت الأمم المتحدة نداءً طارئا لجمع 47 مليون دولار، "لإطعام الفئات الأكثر ضعفا" من سكان الجزيرة البالغ عددهم 22 مليون نسمة.

ويحتاج حوالي 1.7 مليون شخص إلى "مساعدات منقذة للحياة"، وفقًا للأمم المتحدة، مع اضطرار 4 من كل 5 أشخاص لتقليل استهلاكهم الغذائي، بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية وارتفاع الأسعار. 

وتواجه سريلانكا نقصا خطيرا في النقد الأجنبي لتمويل حتى أهم الواردات، بما في ذلك الغذاء والوقود والأدوية، وتسعى الآن لاستقطاب المساعدات الدولية.

أزمة طاقة في ألمانيا

فيما تشهد ألمانيا أزمة طاقة عنيفة لم تعرفها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية مع تراجع إمدادات الغاز الروسي، لدرجة استدعت إعادة إحياء محطات توليد الكهرباء عبر استخدام الفحم بعدما كانت رائدة في استخدام الطاقة النظيفة، إضافة لمطالبات حكومية بـ"تقليل الاستحمام والتدفئة".

وأعلنت الحكومة الألمانية مستوى الإنذار لخطة الطوارئ الخاصة بالغاز، وذكرت وزارة الاقتصاد الألمانية أن “أمن الإمداد مضمون حاليا، ولكن الوضع مضطرب”، وكانت روسيا مصدر 65% من الغاز الطبيعي الذي تستورده ألمانيا حتى وقت سابق من العام الجاري، لكن ذلك انخفض إلى أقل من 40%، وخلال العام الماضي، جرى استيراد حوالي 53% من الفحم من روسيا، لكن من المقرر خفض ذلك إلى الصفر مع بدء سريان الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الفحم من روسيا في أغسطس المقبل. 

وقطعت شركة "غازبروم" الروسية العملاقة للطاقة، الإمدادات عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" الذي يمر تحت بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا، وهو خط أنابيب الغاز الطبيعي الرئيس في أوروبا. 

وقالت الشركة إنها اضطرت إلى خفض التدفقات، لأن العقوبات الغربية أدت إلى احتجاز قطع ومعدات تستخدم في الصيانة، وهو ما لا تأخذه الحكومات الأوروبية بعين الاعتبار، وتصف تخفيضات الغاز بالسياسية. 

تقليل الاستحمام والتدفئة

وبينما حذر وزير المالية، كريستيان ليندنر، من أن ألمانيا على حافة "أزمة اقتصادية خطيرة للغاية"، مؤكدا أن الحكومة أضحت بحاجة إلى استكشاف كافة السبل لسد الفجوات في إمدادات الطاقة، جاءت تصريحات وزير الاقتصاد أكثر غرابة حينما دعا الألمانيين إلى تقليل وقت الاستحمام ترشيدا لاستهلاك الطاقة. 

وقال روبرت هابيك إنه يعمد إلى تقصير مدة استحمامه توفيرا للطاقة منذ اندلاع حرب أوكرانيا، مضيفا لمجلة "ديرشبيغل" الألمانية عندما سألته عن كيفية توفير الطاقة في الحياة اليومية: "ألتزم بما توصي به وزارتي، وقصرت فترة استحمامي بصورة واضحة، وعموما لم تتجاوز مدة استحمامي 5 دقائق في حياتي، بل آخذ حماما سريعا". 

كان هابيك دعا أخيرا عدة مرات إلى توفير الطاقة، بسبب انخفاض إمدادات الغاز من روسيا، كما أطلق عملة بهذا الهدف أيضا، بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أنه يعود إلى منزله متأخرا ويستيقظ الساعة السادسة صباحا ويغادر العمل في السابعة.

الأزمة ستتفاقم في الشتاء

قال الخبير الاقتصادي، ورئيس المنتدى الاقتصادي المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، رشاد عبده: "إن وزير الاقتصاد الألماني صرح بوقف دولته عن إنتاج بعض الصناعات بسبب العجز في الطاقة، كذلك دعت ألمانيا شعبها إلى ترشيد الطاقة ولو استمرت هذه الأزمة حتى الشتاء ستكون مشكلة خطيرة بسبب التدفئة، في الوقت الذي تعلن فيه روسيا عدم منعها الغاز وتوقف الأمر على عدم وجود المعدات التي تستوردها من ألمانيا، والتي أوقفت الأخيرة توريدها بسبب فرض العقوبات، وعليه فقد انخفضت كفاءة استخراج الغاز، وهكذا تتعامل روسيا الجميع لديه كروت يتلاعب ويحاول أخذ أكبر مكاسب ممكنة.

وتابع الخبير الاقتصادي: "هل الروس غير قادرين على التصدير سواء للقمح أو الغاز.. هي قادرة ولكنها تتلاعب بما لديها من "كروت" لتحصد أعلى المكاسب، وترغب بتصدير القمح الروسي بجانب الحبوب الأوكرانية وإلا فلا تصدير، والغرب لا يملك شيئا ولا يستطيع فعل شيء، لقد فرضوا العقوبات بالفعل".

تأثيرات عالمية 

قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، صلاح الدين فهمي: “إن ألمانيا ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم بدأت تتأثر بآثار الحرب، بل بالصدمات الخارجية أي بمشاكل ليس لألمانيا يد فيها، العالم لم يستفق من آثار كورونا فدخلنا في الانعكاسات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، وليست بسبب سوء إدارة الدول لمواردها”.

وأضاف: "هذا يحدث في العالم أجمع ويجب تحذير الناس، ولا أحد يستطيع إنكار المشكلة وكل دولة عليها تحذير شعبها وهكذا تفعل ألمانيا، الدول وإن لم تكن السبب في ما يواجه كوكب الأرض من كساد اقتصادي بعض الدول ليست السبب فيه، ولكنها جزء منه، جزء من سلاسل الإمداد، جزء من السياحة أو القمح".

وتابع: "في مصر على سبيل المثال، عندما يعلن رئيس البنك المركزي ويصرح بأن احتياطي مصر من الدولارات 45 مليار، يعني أن مخزون مصر من السلع الإستراتيجية، وهذا يعني أن مصر لديها من المال ما يغطي احتياجاتها من السلع الإستراتيجية لمدة من 3 إلى 7 أشهر".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية